الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية الشيخ فــريـد البـاجـي يتحدّث عن يوم الزلزال والغزو "الارهابي" وسبب اختفاء المارد الجزائري ويطمئن التونسيين..

نشر في  16 مارس 2016  (14:03)

هذا سرّ اختفاء «المارد الجزائري»...

تخصّص الأستاذ فريد الباجي من خلال خطبه ودراساته في استقراء المشهد الأمني في ظل اطلاعه الوفير على خطب ومخططات الجماعات الارهابية ونجاحه في قراءة ما بين السطور في رموزهم.
وللغرض استضفناه في حوار شامل حول الوضع العام بالبلاد التونسية خصوصا بعد أحداث بنقردان، ولم يخف الباجي تخوفه من عدة تطورات خطيرة رغم ثقته في جهود الجهات الأمنية لمواجهة عدة مخاطر نتطرق اليها تباعا في هذا الحوار:

 صرّحت بعد عملية بن قردان أنّ تونس تمر بالمرحلة قبل الأخيرة لإعلان الإرهابيين الغزو والنفير العام. فلو توضّح المقصود من ذلك؟
قبل الإجابة عن هذا السؤال، تجدر الإشارة إلى أنّ المؤسستين الأمنية والعسكرية حققتا نجاحا كبيرا يحسب لهما في دحر هؤلاء الإرهابيين. وقد كانت لأمنيينا وعسكريينا البواسل الشجاعة والكفاءة والقدرة التي مكنتهم من إفشال مخططات العناصر الإرهابية، لكن هذا لا يعني أنّ الارهابيين سيقررون إنهاء مخططاتهم الخطيرة التي تمر عبر مراحل إستراتيجية لرسم عملياتهم والغاية منها إسقاط الدولة وإدخال الفوضى والبلبلة في البلاد..
وللأسف فإنّ تونس اليوم قد وصلت إلى المرحلة الرابعة ما قبل الأخيرة لإعلان الجماعات الإرهابية النفير العام لإسقاط الدولة في الفوضى العامة وهي مرحلة الإنغماس الجماعي لإعلان الإرهابيين الغزو والنفير العام كما ذكرت في السابق.
- إذن، لو تفسّر لنا هذه المرحلة الرابعة؟
المرحلة الرابعة ما قبل الأخيرة يقصد بها الانغماس الجماعي للإرهابيين وقد بدأت فعلا في بنقردان بوتيرة متزايدة، ومعناها كما ورد في كتاب إدارة التوحش: انغماس جماعـة قليلة من المجاهدين في العدو الكثير، بقصد النكاية فيه، وتحصيل مصلحة راجحة، مع اليقين بالموت في سبيل الله ـ وفق مفهومهم ـ.
والمصلحة المقصودة من هذه المرحلة هي جسّ النبض لمعرفة قدرة العدو على الصمود ومقدار تحمله وثباته، وبناء على ذلك يقدرون كيف يزيدون في عدد الانغماسيين، في عدة مناطق في نفس الوقت لبداية الإعلان على النفير العام وفي هجمة مفاجئة ضمن هذه المرحلة..
فإذا أحسّ الإرهابيون بالارتباك العام سيخرج الآلاف من خلاياهم النائمة المتأهبة بخطط معروفة وهي الهجوم على الثكنات، وبيوت العسكريين والأمنيين لتنفيذ اغتيالاتهم وهي بداية النهاية لإعلان النفير العام.
لكن بإذن الله لا نتوقّع لهم نجاحا في مخططاتهم الجبانة وذلك للقدرة الكبيرة التي برهن عليها جيشنا وأمننا وكذلك لعدم وجود حاضنة شعبية تدعمهم، والتي بيّنها أهالي بن قردان وكل الشعب التونسي الذي أثبت مساندته المطلقة لقواتنا الأمنية والعسكرية ونبذه الكامل لهؤلاء الجماعات الخائنة.
- وماذا عن المراحل الثلاث التي سبقت الرابعة الأخيرة؟
المرحلة الأولى:هي الدعوة والتجنيد والتعبئة البشرية العامة والتي أخذوا فيها فرصتهم منذ قرابة الثلاث سنوات ونجحوا في ذلك نجاحا كبيرا. وقد مرّت هذه المرحلة عبر تجميع الأسلحة وتخزينها، وتجنيد الآلاف من المنتمين إليهم. وهي ما تسمّى أيضا بمرحلة التأسيس.
أما المرحلة الثانية فهي مرحلة الإنهاك والتنكيل أي الاستعداد للاغتيالات والكمائن ونشر الفوضى والقيام بعمليات صغيرة مفاجئة ومباغتة ومتعددة بوتيرة متزايدة نسبيا.
وفي ما يخصّ المرحلة الثالثة والتي تسمّى مرحلة الانغماس الفردي أو الذئب المنفرد فهي كالتي حدثت في عملية باردو والثكنة العسكرية ببوشوشة، والهجوم الإرهابي في سوسة.
- وفق تقديركم، ما هي مخططات الإرهابيين في تونس مستقبلا ـ لا قدّر الله ـ؟
كما ذكرت في السابق، كل شيء بالنسبة لهم مبرمج على مراحل مخطّط لها مسبقا بطريقة محكمة ومدروسة والمعلوم أن الإرهابيين بصدد التقدم في مراحلهم واستراتيجياتهم بنجاح وخطى ثابتة.
كما أنّهم لن يتراجعوا ولن يتوقّفوا عن إرسال كتائبهم الإنغماسية لا في الجنوب ولا في الشمال، وما عمليّة بن قردان إلّا عملية انتحارية قامت بها عناصرهم الإرهابية لا من أجل إقامة إمارة إسلامية كما وقع ذكره بل لجسّ النبض ومعرفة مدى قوّة العدو وفق تقديرهم ومقدار تأهبه واستعداده.
- وما هي الرسائل التي أراد الإرهابيون توجيهها من خلال عملية بن قردان الأخيرة؟
ليس لهم أيّ رسالة إلّا مقصدا واحدا وهو القيام بعملية انتحارية هدفها جسّ النبض، وسوف يتردّدون ألف مرّة بعد هذه العملية لإرسال كتائبهم بعدما شهدوه من تلاحم كبير بين المواطنين ضدّهم والعداوة الكبيرة الموجهة لهم ناهيك عن التأهب الكبير والشجاعة المطلقة اللذين عكستهما عناصر المؤسستين الأمنية والعسكرية.
- أصدر تنظيم داعش الإرهابي بيانا تبنّى فيه عملية بن قردان وعكس انهزامية وخيبة أمل كبيرتين لم نشهدهما من قبل رغم توعّده، فلو تفكك لنا شفراته؟
لا يحتاج هذا البيان في حقيقة الأمر إلى تحليل سقراط، فالمعلوم أنّ الهدف من بياناتهم هو نشر الرعب والخوف والاضطراب في المجتمع. وهو يندرج ضمن الحرب النفسية الإعلامية التي ترسمها تكتيكاتهم العسكرية عبر إستراتيجية متكاملة من اجل اللعب على المعنويات.
- كثيرا ما أصبحنا نسمع عن ساعة الصفر التي ينتظرها الإرهابيون لتنفيذ عملياتهم، فلو تحلّل لنا دلالات هذه العبارة وخفاياها؟
إن شاء الله لن تكون في تونس، فساعة الصفر هي أن تنطلق الكتائب الانغماسية في تنفيذ عملياتها الإرهابية من خلال ضربة واحدة في أماكن مختلفة تتزامن مع بعضها البعض وتستهدف المجتمع المدني. في حين تتحرّك الخلايا الإرهابية المتأهبة النائمة للقيام بالمساندات والدعم، وتنفيذ الاغتيالات التي تستهدف الأمنيين والعسكريين في منازلهم في ذات التوقيت.
كما يخرج المختبئون في الجبال وعلى الحدود الشرقية الليبية في نفس التوقيت، وهو ما يسمى بالغزو العام نسأل الله  تعالى أن لا يوفقهم في ذلك.
- وماذا عن مخطط يوم الزلزال الذي يسعى الإرهابيون لتنفيذه في تونس وفق ما تحدّثت عنه منذ مدة؟
يوم الزلزال هو اللغة العسكرية للإرهابيين والتي ترادفها في اللغة الفقهية لهم النفير العام الذي تحدثت عنه أعلاه ويحدث عن طريق 4 جبهات.
الجبهة الأولى تتمثل في خروج عدة كتائب انغماسية تابعة للعناصر الإرهابية لاستهداف المنشئات الأمنية والعسكرية، والجبهة الثانية فتتمثل في خروج الخلايا النائمة المتأهبة لتنفيذ مخطط اغتيال العناصر الأمنية والعسكرية داخل منازلهم.
أمّا الجبهة الثالثة فهي نزول العناصر الإرهابية من الجبال جملة واحدة. وفي ما يخص الجبهة الرابعة فتتمثل في الخروج من شرق ليبيا من خلال استغلال حالة الفوضى والارتباك.
وكما ذكرت فإنّ مخططاتهم الجبانة قد تم كشفها وأحبطت أغلبها، وبان من المعلوم أنّهم لن ينجحوا في تنفيذ ما يرمون إليه في تونس لأنّ شعبها أثبت نبذه لهم وتأكّدت لهم الكفاءة الكبيرة لوحداتنا العسكرية والأمنية التي هزمتهم شرّ هزيمة في عملية بن قردان في انتظار هزيمة كل مخططاتهم الجبانة بإذن الله.   
- إذن حسب رأيكم، ماهي أبرز الإجراءات التي يجب أن تتوخاها الدولة لمجابهة هذا الخطر الإرهابي؟
جيشنا وأمننا الوطنيان لا تنقصهما لا الكفاءة ولا الدعم اللوجستي ولا القوة والشجاعة لدحر هذا الخطر الإرهابي، واجتثاث جذوره من أرض الوطن مهما امتدت وقويت لكن النقص فقط يكمن في جانبي الاستخبارات الاستعلامات اللذين من الواجب تقويتهما لإفشال المخططات الإرهابية قبل حدوثها وتتبع كل الخلايا الإرهابية ومعرفة جلّ تحركاتها.
ولا بدّ من تكثيف الهجمات الاستباقية عبر مداهمة المشتبه في انتمائهم لتنظيمات إرهابية في منازلهم. وينبغي أن تكون محاكمة الإرهابيين محاكمات عسكرية لا محاكمات مدنية. كما يجب على الإعلام أن لا يكون حياديا بل أن يكون في صف جنودنا وأمننا، ناهيك عن تقوية لحمة الشعب التونسي وتشديد تضامنه ومساندته للأمنيين والعسكريين.
 صرّحت سابقا أن حركة النهضة متحالفة مع الفكر السلفي المتشدد بشكل لا لبس فيه، فما هو تعليقك اليوم من تصريحات راشد الغنوشي التي أفاد خلالها أن حركته تتجه نحو فصل الدين عن السياسة وعن تبرئها من جماعة الاخوان؟
لقد عاهدت نفسي أن لا أخوض حاليا في المسائل السياسية بل في المسائل الدينية والأمنية فقط، وذلك حتّى لا تحيد القضية عن مسارها وتسقط في المسائل السياسية.. لأنني أعتبر اليوم أنّنا نخوض معركة ضدّ الإرهاب بدرجة أولى.
أما في ما يخص المسائل السياسية سواء تعلقت بالنهضة أو غيرها فالقضاء هو الكفيل الوحيد بمعالجتها.
- وبرأيك ما هو مستقبل تونس في خضم كل هذه الأحداث؟
تونس ستنتصر، فصورة الجندي الذي يتصيّد الإرهابيين في بن قردان وخلفه 50 مواطنا يدعمونه، كانت صورة انتصار عالمية وتاريخية ولها عدة معاني رمزية وهي أن هذا الشعب لا يهزم ولن يهزم أبدا.
أوردت سابقا معلومات هامة تخص صفحة المارد الجزائري المشبوهة، فبرأيك ما سبب هذا الاختفاء المفاجئ لنشاطها؟
 برأيي أن الداخلية كشفت حقيقتهم وأن صاحبها إرهابي، وهو من أحد الأجنحة الإعلامية للإرهابيين. لقد كشفنا حقيقته وافتضح أمره وأصبح الظهور مرة أخرى لا يصب في مصلحته. تلك الصفحة كانت ستلعب دورا كبيرا جدا في الفوضى النفسية والإعلامية في تونس فأُفشل هذا المخطط والحمد لله.
- كلمة أخيرة في نهاية هذه المصافحة..
تحيا تونس.. ولا عاش في تونس من خانها، وانتصرنا وسننتصر لا محالة .

حاورته: منارة تليجاني